Duration 37:28

‏سلسلة دروس تزكية النفوس ٧. الرضا Malaysia

Published 1 Jul 2021

مختصر الدروس في تزكية النفوس (7) الدرس السابع الرضا التعريف: لغةً: مأخوذ من مادة (ر ض و)، والتي تدل على خلاف السخط، والمصدر: رضي يرضى. اصطلاحًا: سرور القلب بمرِّ القضاء وسكونه تَحت مجاري الأحكام. منزلته: من أعلى مقامات المقرَّبين ومستراح العارفين، وهو ذروة سنام أعمال القُلوب، يقول ابن القيِّم: "الرِّضا من أعْمال القلوب، نظير الجِهاد من أعمال الجوارح؛ فإنَّ كلَّ واحد منهُما ذروة سنام الإيمان، قال أبو الدرداء: "ذروة سنام الإيمان الصَّبر للحكم، والرِّضا بالقدَر". وقال الغزالي: الرِّضا ثمرة من ثِمار المحبَّة، وهو من أعْلى مقامات المقرَّبين، وحقيقتُه غامضة على الأكثَرين، وما يدخل عليه من التَّشابُه والإبْهام غير منكشف إلاَّ لمَنْ علَّمه الله - تعالى - التَّأويل وفهَّمه وفقَّهه في الدّين، فقد أنكر منكِرون تصوُّر الرِّضا بِما يخالف الهوى، ثمَّ قالوا: إنْ أمكنَ الرِّضا بكل شيء لأنَّه فعل الله فينبغي أن يرضى بالكفر والمعاصي، وانخدع بذلك قومٌ فرأَوُا الرِّضا بالفجور والفسوق، وترْك الاعتراض والإنكار من باب التَّسليم لقضاء الله تعالى. يقول المولى - تبارك وتعالى -: ﴿ قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119]، وقال تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]، وقال سبحانه: ﴿ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ﴾ [الفجر: 28]، وقال تعالى: ﴿ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً ﴾ [النساء: 108]، وقال تعالى: ﴿ وَلَسَوْفَ يَرْضَى ﴾ [الليل: 21]. وقال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((مَن قال حين يسمَع المؤذِّن: وأنا أشْهد أن لا إلهَ إلاَّ الله وحده لا شريك له وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، رضِيتُ بالله ربًّا، وبمحمَّد رسولاً، وبالإسلام دينًا، غُفِر له ذنبه))[1]، وقال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إنَّ الله ليرضى عن العبد أن يأكُل الأكلة فيحمَده عليها، أو يشرب الشربة فيحمَده عليها))[2]. أنواع الرضا: • رضا الرَّبّ عن العبد: وهو أن يأْتِي العبد محبوباتِ الله، وينفِّذ أوامره، ويبتعد عن نواهيه وزواجِرِه ومكروهاته. • رضا العبد عن الله - جلَّ جلالُه - وينقسم إلى ما يلي: الرِّضا بألوهيَّته: محبَّة وخوفًا ورجاءً، وإنابة وتبتُّلاً وانجذابَ قوى إرادتِه كلِّها إليْه، بفعل ما أمر ربُّه وترك ما نَهى عنه، وتناوُل ما أباحه من غير تعدٍّ لِمحظور، وكذا الرِّضا بالمصائب. رَضِيتُ فِي حُبِّكَ الأَيَّامَ جَائِرَةً ♦♦♦ فَعَلْقَمُ الدَّهْرِ إِنْ أَرْضَاكَ كَالعَذْبِ الرضا بربوبيَّته: رضًا بتدبيره وإفْراده بالتوكُّل عليْه والاستعانة به، والثقة به واعتمادًا عليه، فيكون راضيًا بكل ما يفعل به. وللرضا عن الله شروطٌ ثلاثة: • استِواء البليَّة والنِّعْمة عند العبدِ، فهو يشاهد حسْن اختيار الله له. • سقوط الخصومة عن الخلْق إلاَّ فيما كان حقًّا لله ورسوله. • الخلاص من المسألة للخلْق والإلحاح؛ قال تعالى: ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً ﴾ [البقرة: 273]. • الرِّضا بنبيه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بكمال الانقِياد له والتسليم المطلق إليه، بحيث يكون أولى به من نفسِه، وألا يتلقَّى الهدى إلاَّ من طريقه؛ ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7]، ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ﴾ [النساء: 65]. • الرضا بدين الإسلام: فإذا قال أو حكَم أو أمر أو نَهى، رضِي كلَّ الرِّضا، ولم يبق في نفسِه حرَجٌ من حكمه وسلَّم تسليمًا؛ قال تعالى: ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]. أسوأ الرِّضا: الرِّضا عن النفس، بحيث يعتقِد فيها الكمال والتنزُّه عن النقص والخطأ. لَمْ أَرْضَ عَنْ نَفْسِي مَخَافَةَ سُخْطِهَا وَرِضَا الفَتَى عَنْ نَفْسِهِ إِغْضَابُهَا وَلَوَ انَّنِي عَنْهَا رَضِيتُ لَقَصَّرَتْ عَمَّا تَزِيدُ بِمِثْلِهِ آدَابُهَا أسباب الرِّضا: • رسوخ قلْب العبد في مقام التوكُّل والتَّسليم. • أن يلزم ما جعل الله رضاه فيه. • رضا الله - تبارك وتعالى - عن العبد، فمن رضِي الله عنه فقد تحقَّق له كلُّ الرِّضا. فوائد الرضا: • دليلٌ على كمال إيمان العبد وحُسْن إسلامِه ومَحبَّته لله، وتوكُّله عليه وحسْن ظنِّه به، وصلاحه وتقواه. • إنَّه طريق الفوْز بالجنَّة والنَّجاة من النَّار. • يُضْفِي على النَّفس الرَّاحة والطُّمَأنينة والسَّكينة، فلا قلق زائد أو توتُّر أو أزمات نفسيَّة. • إنَّه مَعْلم من معالم السَّلام الاجتماعي. المراجع: • التَّعريفات للجُرْجاني، ص 111. • لسان العرب لابن منظور، 14/ 324. • مدارج السَّالكين لابن القيم، 2/ 185. • مجموع الفتاوى لابن تيمية، 10/ 681 - 683. • بصائر ذوي التَّمييز للفيروزآبادي، 3/ 77. • إحياء علوم الدين للغزالي. [1] أخرجه أحمد (1565) ومسلم (780) وأبو داود (525) والترمذي (210) والنسائي (2/ 26) وفي الكبرى (1655). [2] أخرجه أحمد (11996) ومسلم (7032) والترمذي (1816) والنسائي في "الكبرى" (6872).

Category

Show more

Comments - 3